Hot!

جريمة الغدر و الإعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم

 


جريمة الغدر

تحمي التشريعات القانونية حقوق الأفراد على

 أموالهم إزاء استبداد بعض الموظفين العاملين بإسم الدولة أو بتعبير آخر يحمي النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه وهو مبدأ "لا ضريبة إلا بقانون".وهو ما كرسه أحكام الدستور الجزائري في المادة 78بقولها.

لا يجوز أن تُحدَث أيّة ضريبة إلاّ بمقتضى القانونولا يجوز أن تُحدَث بأثر رجعيّ، أيّة ضريبة، أو جباية، أو رسم، أو أيّ حقّ كيفما كان نوعه.

كل عمل يهدف إلى التحايل في المساواة بين المواطنين والأشخاص المعنويين في أداء الضريبة يعتبر مساسا بمصالح المجموعة الوطنية ويقمعه القانون.

يحمي هذا النص الثقة في الدولة التي تهتز حتما حين يستغل بعض العاملين بإسمها سلطاتهم لإلزام الأفراد بما لا يلزمهم القانون.

الفرق بين الغدر والرشوة

تشترك الجريمتان في أنهما مظهران لإساءة استغلال الوظيفة العامة ،وتتمثلان في مطالبة الموظف الأفراد بما لا يجب عليهم وثمرتهما في الغالب إثراء غير مشروع للموظف ويشترك الركن المادي فيهما في قيامه على الطلب أو الأخذ .

ومعيار التفرقة بين الجريمتين هو السند الذي يحتج به الموظف على طلب المال من الفرد أو أخذه فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنه يلزم به وهو سلوك ينطوي بالضرورة على كذب فالجريمة غدر ،أما إذا طلبه على أنه هدية أو عطية نظير قيامه بعمل ظيفي فالجريمة رشوة،ويعني ذلك أن اختلاف سند الأخذ والطلب هو معيار التفرقة بين الجريمتين.

وعلى سبيل المثال إذا طلب موظف مبلغ مالي من مواطن زاعما  أنه يشكل رسم نظير خدمة يؤديها والواقع خلاف ذلك فالجريمة غدر ،أما إذا طلب هذه الأموال ليقدم له خدمة معينة فالجريمة رشوة.

والتفرقة بين الجريمتين أهميتها في أن مقدم المال في الرشوة يعاقب بإعتباره راشيا في حين مقدم المال في الغدر يعتبر ضحية وبتالي لا عقاب عليه.

 

أولا :  الركن المفترض :

    يقتضي قيام هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفا عموميا، وأن يكون له شأن في تحصيل الرسوم أو الحقوق أو الضرائب أو نحوها، كقابض الضرائب وقابض الجمارك والموثق والمحضر القضائي، ومحافظ البيع بالمزاد ، الذين يحصلون الحقوق والرسوم المختلفة لحساب الخزينة العمومية .

ويتحقق القاضي من أن للموظف شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة بالرجوع إلى اختصاصات المنصب الذي يشغله والتأكد أن من بينها هذا التحصيل ،والاختصاص يتحدد بناءا على نص قانوني أو لائحي أو قرار إداري، فإذا كان الموظف فردا عاديا أو موظفا لا شأن له في تحصيل الأعباء العامة وادعى أن له هذا الشأن فهو لا يرتكب هذه الجريمة و إنما يعد مرتكب لجريمة النصب و الاحتيال.

ثانيا :   الركن المادي :

     يتحقق بقبض مبالغ مالية غير مستحقة الأداء أو تتجاوز ما هو مستحق، وما يستوي بعد ذلك إن تم الحصول على المال بناءا على طلب أو بالتلقي أو بالمطالبة أو بإصدار أمر للمرؤوسين .

   ويشترط أن يكون قبض هذه المبالغ المالية بطريقة غير مشروعة، بعنوان الرسوم والحقوق والضرائب ونحوها، إضافة إلى أنه يجب أن تكون المبالغ محل النشاط الإجرامي غير مستحقه الأداء أو تجاوز ما هو مستحق، وتقديم هذه المبالغ على أساس أنها مستحقة قانونا، وإلا كان الفعل يعد جريمة رشوة موظف عمومي.

  وأوضح مثال على ما سبق، قابض الضرائب الذي يطلب من المكلف بأداء الضريبة مبلغا يفوق ما هو مطلوب بأدائه أو الموثق أو المحضر القضائي أو محافظ البيع بالمزايدة الذي يتقاضى أتعابا عن خدماته من زبائنه تتجاوز التعريفة الرسمية، أو عون الجمارك المكلف بتحصيل الرسوم الجمركية الذي يطلب من مستورد بضاعة أداء رسم غير مقرر قانونا، وكذا كاتب الضبط الذي يكلف المحكوم عليه بأداء غرامة لم يقض بها .

   ولا يشترط القانون أن يحقق الجاني لنفسه أو لغيره ربحا ما، فتقوم الجريمة سواء قبض المال لنفسه أو للخزينة العامة أو لأي جهة أخرى .

    وتقوم الجريمة سواء دفع المجني عليه المال برضاه أو بدون رضاه وسواء كان المبلغ المحصل كبيرا أو بسيطا، كما يمكن أن يكون المجني عليه الخزينة العمومية.

   ويتم الحصول على المال بناءا على طلب مكتوب أو شفهي أو بالتلقي أو بالمطالبة أو بإصدار أمر من رئيس إلى مرؤوس (تعليمات) لتحصيل ما هو غير مستحق .

 ثالثا :   القصد الجنائي :

    تقتضي هذه الجريمة توافر القصد الجنائي العام المتمثل في علم الجاني بأن المبلغ، المطلوب أو المتحصل عليه غير مستحق أو أنه يتجاوز ما هو مستحق فإذا انتفى العلم زالت الجريمة، كما لو كان الفاعل يجهل أن المال غير مستحق أو أخطأ في تقدير المال المستحق .


الإعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم

وهما الفعلان المنصوص والمعاقب عليها في المادة 31 من قانون مكافحة الفساد، وكما سبق فإن قيام هذه الجريمة يتطلب توافر الركن المفترض المتمثل في صفة الجاني، الركن المادي، المتمثل في السلوك الإجرامي، الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي .

أولا :  صفة الجاني :  يشترط أن يكون الجاني موظفا عموميا، ويتعين أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة  .

ثانيا :  السلوك الإجرامي :  ويتمثل في أحد الفعلين الآتيين :

-         منح أو الأمر بالاستفادة من إعفاء أو تخفيض غير قانوني في الضريبة أو الرسم .

-         تسليم مجانا محاصيل مؤسسات الدولة

                           1.        منح أو الأمر بالاستفادة من إعفاء أو تخفيض غير قانوني في الضريبة أو الرسم:

أ‌.       مدلول الضريبة و الرسم:  يجمع رجال القانون والمالية العمومية على تعريف الضريبة والرسم كما يلي

·            الضريبة : هي مبلغ ملي يلزم الأشخاص بأدائه جبرا، بصفة نهائية وبدون مقابل، وذلك لأجل تغطية النفقات العمومية للدولة أو الجماعات المحلية، وهي نوعان: الضريبة المباشرة، والضريبة غير المباشرة.

·     الرسم : وهو الثمن الذي يدفعه مستعمل مرفق عمومي غير صناعي، لقاء خدمات أو الفوائد التي يحصل عليها من ذلك المرفق .

ويتميز الرسم عن الضريبة في نقطتين أساسيتين وهما :

-     ينطوي الرسم على مقابل، يتمثل في الخدمة المقدمة ، أي أن الرسم يقابل دائما خدمة عمومية.

-     الرسم اختياري عكس الضريبة التي تعتبر إلزامية، فالكل ملزم بدفع الضريبة ولكن لا أحد ملزم بدفع الرسم إذ يكفي الإستغناء عن الخدمة لعدم أداء الرسم.

ب‌.             منح إعفاء أو تخفيض بدون ترخيص من القانون: يتمثل النشاط الإجرامي في هذه الصورة في إقدام الموظف العمومي على إعفاء الملزم بأداء الضريبة (الممول) من الالتزام بأداء الضريبة، بالمفهوم الواسع الذي يشمل الضريبة والرسم والحق، أو التخفيف من عبء هذا الالتزام، ويتحقق الإعفاء نتيجة لنشاط إيجابي كإصدار قرار يقضي بذالك أو نتيجة لنشاط سلبي كالتغاضي عن فرض الضريبة أو عن وضع الجداول .

ت‌.             الأمر بالإعفاء أو التخفيض بدون ترخيص من القانون :  يتمثل النشاط الإجرامي في هذه الصورة في إعطاء أوامر للمرؤوسين لإفادة المكلف بأداء الضريبة أو الرسم أو الحق من إعفاء أو تخفيض بدون ترخيص من القانون، وتقتضي الجريمة في هذه الصورة أن يكون الجاني صاحب سلطة عمومية يتمتع بسلطة إصدار القرار في مجال المال العمومي للدولة .

        2.        تسليم مجانا محاصيل مؤسسات الدولة :  ويشترط هنا أن يكون محل الجريمة من منتجات إحدى مؤسسات الدولة وهي نوعان : المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري(EPA) والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري (EPIC)، ويتمثل السلوك المجرم في هذه الجريمة في تسليم الموظف للغير مجانا ما تنتجه هذه المؤسسات بدون ترخيص من القانون .

ويمكن أن يحمل هذه الفعل وصفا جزائيا آخر وهو تبديد أموال عمومية .

   ثالثا :  القصد الجنائي :    ويمثل في علم الجاني بأنه يتنازل عن مال مستحق للدولة بدون ترخيص من القانون .

      أخذ فوائد بصفة غير قانونية :

   وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه في المادة 35 من قانون مكافحة الفساد، وتتمثل هذه الجريمة في إقحام الموظف لنفسه في عمل أو صفقة يديرها أو يشرف عليها محصول على فائدة منها متاجرا بذلك بوظيفته ، وهي مظهر من مظاهر الرشوة، فضلا عن كونها تشكل أحيانا صورة من صور الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية .

   أولا : أركان الجريمة :

تتطلب هذه الجريمة شرطا أوليا يتمثل في صفة الجاني فضلا عن النشاط المجرم والقصد الجنائي .

          1.      صفة الجاني : تقتضي هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفا عموميا يدير عقودا أو مزايدات أو مقاولات، أو يشرف عليها أو موظفا عموميا مكلفا بإصدار أذون الدفع في عملية ما أو مكلفا بتصفيتها، أي أن يتولى الجاني مسؤوليات تمنحه سلطة فعلية بشأن المشروع أو العملية التي أخذ أو تلقى منها فوائد، ولا يهم مصدر اختصاص الموظف بالعمل الذي انتفع منه، فقد يتحدد اختصاصه بناءا على قانون أو لائحة أو قرارا إداري أو تكليف من رئيس مختص .

          2.      السلوك المجرم : ويأخذ صورتين هما : أخذ أو تلقى فائدة ما من أعمال يديرها الجاني أو يشرف عليها أو كان فيها آمرا بالصرف أو مكلفا بالتصفية .

   ولم يفرق المشرع في هذه الجريمة بين الموظف المكلف بالإدارة والإشراف وبين الموظف المكلف بتصفية عملية أو إصدار أو أمر دفع فيها، بل سوى بينهما .

القصد الجنائي : يقتضي في هذه الجريمة أن يكون الفاعل عالما وقت ارتكاب الجريمة، بصفته كموظف مكلف بإدارة العقود أو المؤسسات المعنية أو الإشراف عليها، وتتجه إرادته إلى الحصول على منفعة مع العلم بكل عناصر الجريمة

أخذ فوائد بصفة غير قانونية :