Hot!

المرجع القانوني الجزائري | المسؤولية الموضوعية (مسؤولية المنتج


















المسؤولية الموضوعية على أساس الضرر (مسؤولية المنتج)

في ظل انتشار السلع والمنتوجات المعروضة في السوق و تنوعها، أصبح المشتري أو المستهلك معرض لأخطار متعددة تمس أمنه و سلامته، نظرا لعدم احترام المنتجين مقاييس ومواصفات الإنتاج من جهة، و زيادة تدخل الوسائل التقنية والتكنولوجية في الإنتاج من جهة أخرى.

نتيجة لذلك، استحدث المشرع الجزائري بموجب القانون 05-10 المؤرخ في 20 جوان 2005 المادة 140 مكرر ق.م.، و التي كرس من خلالها صراحة مسؤولية المنتج التقصيرية عن الأضرار الناتجة عن منتوجاته المعيبة، كما استحدث مبدأ تكفل الدولة بالتعويض عن الأضرار الجسمانية في حال انعدام المسؤول من خلال المادة 140 مكرر1 ق.م.

الفرع الأول: مسؤولية المنتج

لقد أدرج المشرع الجزائري مسؤولية المنتج ضمن المسؤولية الناشئة عن الأشياء، و ذلك بغية توفير حماية أكثر للمضرور، وذلك طبقا للمادة 140 مكرر/1 ق.م. التي تنص على أنه:" يكون المنتج مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى و لو لم تربطه بالمتضرر علاقة تعاقدية"

أولا : شروط قيام مسؤولية المنتج عن الأضرار الناتجة عن عيب في منتوجه

يتضح من نص المادة 140 مكرر ق.م. أن مسؤولية المنتج تقوم على ثلاثة شروط هي:

الشرط الأول: وجود منتوج

عرفت المادة 140 مكرر/2 ق.م. المنتوج بأنه: " كل مال منقول ولو كان متصلا بعقار، لاسيما المنتوج الزراعي والمنتوج الصناعي وتربية الحيوانات والصناعة الغذائية والصيد البري والبحري و الطاقة الكهربائية".

وعليه يمكن القول، أن المنتوج يتمثل في كل منقول بما في ذلك العقار بالتخصيص( كالمصعد الكهربائي) كما يشمل المنتوج الزراعي (كالفواكه والخضر) والمنتوج الصناعي (كالسيارات) والصناعة الغذائية ( كالخضر والفواكه المعلبة)، وكذلك يشمل تربية الحيوانات والأعلاف اللازمة لتربيتها، والصيد البري والبحري وما يلزم لصيدها والطاقة الكهربائية.

الشرط الثاني: وجود عيب في المنتوج يسبب ضرر

بالرجوع لأحكام المادة 140 مكرر/1 ق.م. يلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد معنى العيب الذي قصده في هذه المادة، و عموماً يقصد بالعيب في مسؤولية المنتج : المخاطر التي يتضمنها المنتوج والتي قد تلحق أضراراً بالمستهلك بحيث يعتري المنتوج اختلالاً عند استعماله، و بسبب هذا الاختلال يلحق الضرر بالمستهلك الذي استعمل هذا المنتوج، و هذا التعريف يتوافق مع مضمون المادة 11/03 من القانون 09-03 المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش المعدل والمتمم[1] التي عرفت المنتوج السليم بأنه : " كل منتوج خال من أي نقص و/ أو عيب خفي يضمن عدم الإضرار بصحة و سلامة المستهلك و/ أو مصالحه المادية أو المعنوية."

وتجدر الملاحظة، إلى أنه بتوافر هذا الشرط تتحقق العلاقة السببية بين الضرر والعيب في المنتوج، ويتم إثبات هذه العلاقة بكافة وسائل الإثبات.

الشرط الثالث: وجود منتج

لم يعرف المشرع الجزائري مصطلح المنتج الوارد ذكره في فحوى المادة 140 مكرر من ق.م.، لكن بالرجوع لمضمون المادة 7/03 من القانون 09-03 المذكور أعلاه يمكن تعريفه بأنه:" كل شخص طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية الإنتاج"، و يشمل كل من منتج المواد الأولية و المنتج لأجزاء من المنتوج و المنتج للمنتوج في شكله النهائي.

ثانيا: أساس مسؤولية المنتج

تعد مسؤولية المنتج مسؤولية موضوعية لا تقوم على أساس الخطأ و إنما على أساس الضرر الذي يسببه العيب في المنتوج، سواء كان هذا الضرر مادي أو معنوي، و بتبنيه لهذا النوع من المسؤولية يكون المشرع الجزائري قد أعفى المضرور من عبء إثبات خطأ المنتج، لاسيما في ظل تزايد عرض المنتوجات للاستهلاك و تطور أساليب البيع، الأمر الذي يعرض المستهلك لمخاطر يصعب عليه معرفتها و إثباتها.

ثالثا: دفع مسؤولية المنتج

طالما أن مسؤولية المنتج تقوم على أساس الضرر لا الخطأ، فإنه لا يمكن للمنتج دفع المسؤولية عن نفسه إلا بنفي علاقة السببية و ذلك من خلال إثبات السبب الأجنبي ( القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ أو خطأ المضرور أو خطأ الغير).

رابعا: إثبات مسؤولية المنتج

يلزم المتضرر لحصوله على التعويض إثبات الضرر الذي أصابه و إثبات العيب في المنتوج وإثبات العلاقة السببية بينهما بكافة وسائل الإثبات، و يتم التعويض طبقا للأحكام العامة في المسؤولية التقصيرية حسب المواد 131 و 132 ق.م.

الفرع الثاني: تكفل الدولة بتعويض المضرور

لقد أقر المشرع الجزائري بمبدأ تكفل الدولة بتعويض المضرور طبقا لنص المادة 140 مكرر1 ق.م. بقولها : " إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني، و لم تكن للمضرور يد فيه تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر".

أولا: شروط تكفل الدولة بالتعويض

طبقا للمادة 140 مكرر1 ق.م. يتضح أن الدولة تتكفل بالتعويض إذا توافرت الشروط التالية:

الشرط الأول: انعدام المسؤول عن الضرر

اشترط المشرع انعدام المسؤول حتى تتكفل الدولة بالتعويض، سواء جهل المسؤول عن الضرر من قبل المتضرر أو عدم وجوده.

الشرط الثاني: وجود ضرر جسماني لا يد للمضرور فيه

يقصد بالضرر الجسماني ذلك الضرر المتعلق بجسم الإنسان، و بذلك يلاحظ أن المشرع قد استبعد الضرر المادي الذي يمس بمال الشخص و كذا الضرر المعنوي، و يشترط في هذا الضرر ألا يكون للمضرور يد في حصوله، كسوء استعمال المنتوج من قبل المتضرر.

ثانيا: أساس تكفل الدولة بالتعويض

لقد استحدث المشرع الجزائري بموجب المادة 140 مكرر1 ق.م. نظام جديد للتعويض عن الأضرار الجسمانية خارج إطار المسؤولية، تبنى من خلالها أساس جديد للتعويض يقضي بتكفل الدولة بتعويض المضرور في حالة انعدام المسؤول حتى لا يبقى بدون تعويض، و هذا ما يؤكد أن التعويض يعد حق مقرر للمضرور لإصلاح الضرر الذي أصابه.




[1]- القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25 فبراير 2009 يتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش، ج. ر. 08 مارس 2009، العدد 15، المعدل و المتمم بالقانون 18-09 المؤرخ في 10 يونيو 2018، ج.ر. 13 يونيو 2018، العدد 35.




المصدر محاضرات الاستاذة د.سويلم

جامعة سعيدة

السنة الثانية حقوق