آثار العقد من حيث الأشخاص

الفصل الرابع: آثار العقد
إذا إنعقد العقد صحيحا بتوافر أركانه وشروط صحته ترتبت عنه آثار، إلا أن القوة الملزمة للعقد لها أثر نسبي محدود يسمى بمبدأ الأثر النسبي للعقد من حيث الأشخاص ومن حيث الموضوع.
المبحث الأول: مبدأ نسبية أثار العقد من حيث الأشخاص
يقضي مبدأ نسبية أثر العقد من حيث الأشخاص ألا تنصرف آثار العقد إلا لطرفيه وخلفهما العام والخاص.

المطلب الأول: أثار العقد بالنسبة للمتعاقدين وخلفهم العام والخاص
تسري آثار العقد على المتعاقدين وخلفهما العام، أما بالنسبة لخلفهما الخاص فبتوافر شروط معينة.
الفرع الأول: أثار العقد بالنسبة للمتعاقدين
تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين، لأن إرادتهما هي من أنشأت العقد، و بالتالي يتحملان ما يترتب من حقوق و ما يفرض من التزامات.
الفرع الثاني: أثار العقد بالنسبة للخلف العام للمتعاقدين
الخلف العام: "الشخص الذي يخلف سلفه المتوفى في كل أو بعض الجانب الإيجابي لذمته المالية، كالوارث والموصى له".
كقاعدة عامة حسب المادة 108 ق.م. تنتقل جميع آثار العقد (حقوق و التزامات) الذي يبرمه السلف إلى الخلف العام، لكن يجب مراعاة قواعد الميراث التي تستوجب احترام قاعدتين وهما:
- لا تنتقل الأموال والحقوق التابعة للسلف إلا بعد سداد ما عليه من ديون والتزامات.
- لا يلتزم الخلف بالتزامات سلفه إلا في حدود ما آل إليه من حقوق بطريق الميراث.
الاستثناء: لا تسري آثار العقد على الخلف العام في الحالات التالية:
1. إذا وجد اتفاق بين المتعاقدين على عدم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام لكليهما أو الخلف العام لأحدهما.
2. إذا كانت طبيعة العقد ذاتها تستوجب عدم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام و ذلك بالنسبة للعقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي.
3. إذا وجد نص في القانون يقضي بعدم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام.
الفرع الثالث: أثار العقد بالنسبة للخلف الخاص للمتعاقدين
الخلف الخاص: هو الشخص الذي يتلقى عن سلفه الحي حقاً معيناً، عينياً أو شخصياً".
ويشترط لانصراف آثار عقد السلف إلى خلفه الخاص طبقا لنص المادة 109 ق.م.:
1. أن يكون هذا العقد متعلقاً بالمال الذي آل إلى الخلف الخاص.
2. صدور عقد السلف قبل انتقال المال لخلفه الخاص.
3. علم الخلف الخاص بعقد السلف قبل انتقال المال إليه.
المطلب الثاني: أثار العقد بالنسبة للغير


الغير هو كل شخص أجنبي عن العقد فلا هو من المتعاقدين ولا نائب عنهما ولا خلفهما العام أو الخاص، وكقاعدة عامة لا تنصرف إليه آثار العقد سواء كانت حقوق أو التزامات، وقد أكد المشرع الجزائري على عدم انصراف آثار العقد إلى الغير وبصفة خاصة الالتزامات المترتبة عنه في صورة التعهد عن الغير.
ولكن استثناء يجوز أن يكتسب الغير حقاً من العقد طبقا لنص المادة 113 ق.م.، وعموما هناك حالتين استثنائيتين تسري فيهما آثار العقد على الغير:
§ حالة وجود نص قانوني يقضي بسريان آثار العقد على الغير بصفة مباشرة بموجب الدعوى المباشرة مثل عقد الإيجار من الباطن (المادة 507 ق.م.) وعقد المقاولة من الباطن (المادة 565 ق.م.).
§ حالة انصراف آثار العقد إلى الغير بإرادة المتعاقدين والتي أورد المشرع الجزائري صورة تطبيقية بشأنها ألا وهي الاشتراط لمصلحة الغير.
الفرع الأول: التعهد عـن الغير
التعهد عـن الغير هو اتفاق بين طرفين يتعهد بموجبه أحدهما في مواجهة الآخر بحمل طرف آخر على قبول إبرام عقد معين.
أولا: شروط التعهد عـن الغير
تتمثل شروط التعهد عن الغير حسب مضمون المادة 114 ق.م. في:
1. تعاقد المتعهد باسمه شخصياً لا بإسم من تعهد عنه (الغير).
2. اتجاه إرادة المتعهد إلى إلزام نفسه بهذا التعهد وليس إلى إلزام غيره المتعهد عنه.
3. التزام المتعهد بالحصول على قبول الغير لإبرام العقد محل التعهد.
ثانيا : آثار التعهد عـن الغير
إذا توافرت الشروط السابقة تترتب الآثار التالية:
1. قبول الغير: ينعقد عقد جديد بين الغير والمتعاقد مع المتعهد مستقلا عن عقد التعهد عن الغير سواء من حيث أطرافه أو من حيث وقت إبرامه أو من حيث آثاره.
2. رفض الغير: في هذه الحالة يعتبر المتعهد مخلاً بالتزامه في عقد التعهد ويلتزم بتعويض المتعاقد معه عن الأضرار التي تلحقه من جراء هذا الرفض.
وقد أجاز المشرع الجزائري للمتعهد التخلص من التعويض بأن يقوم هو بنفسه بتنفيذ ما التزم به عيناً إذا أمكنه ذلك.
الفرع الثاني: الاشتراط لمصلحة الغير
الاشتراط لمصلحة الغير هو عقد يشترط فيه أحد المتعاقدين وهو المشترط على المتعاقد الآخر وهو المتعهد، بتنفيذ التزام لمصلحة شخص ثالث ليس طرفاً في العقد وهو المستفيد أو المنتفع، فينشأ بذلك حق مباشر لهذا الأخير في مواجهة المتعهد.
أولا : شروط الاشتراط لمصلحة الغير: طبقا لنص المادة 116 ق.م. تتمثل هذه الشروط في:
1. أن يتعاقد المشترط بإسمه لا بإسم المنتفع أو المستفيد.
2. أن تتجه إرادة طرفي عقد الاشتراط إلى ترتيب حق مباشر للمنتفع.
3. أن تتوافر مصلحة شخصية للمشترط (مادية أو معنوية).
ثانيا : آثار الاشتراط لمصلحة الغير
لتحديد آثار الاشتراط لمصلحة الغير المنصوص عليها في المادة 116 ق.م.، ينبغي تحديد علاقة المشترط بالمتعهد و علاقة المشترط بالمنتفع و علاقة المتعهد بالمنتفع.
1. علاقة المشرط بالمتعهد: هي علاقة تعاقدية يحكمها عقد الاشتراط الذي أبرم بينهما، ويجوز للمشترط مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه (الحق الذي اشترطه ) لمصلحة المستفيد.
2. علاقة المشترط بالمستفيد: تتحدد هذه العلاقة على أساس هدف المشترط من الاشتراط سواء كان على سبيل التبرع أو المعاوضة.
3. علاقة المتعهد بالمستفيد: يكتسب المنتفع ( المستفيد ) حقاً مباشراً من عقد الاشتراط الذي تم بين المشترط و المتعهد و ذلك من تاريخ إبرام هذا العقد و ليس من وقت القبول، وبذلك يصبح دائناً شخصياً للمتعهد، ومن ثم يحق للمستفيد مطالبة المتعهد بتنفيذ التزاماته لمصلحته والرجوع عليه بالتعويض في حال امتناعه عن ذلك.
هل يجوز للمشـترط الرجوع عن اشتراطه قبل أن يتم قبوله من المستفيد؟
طبقا للمادة 117 ق.م. يجوز للمشترط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض اشتراطه قبل أن يصرح المستفيد برغبته في الاستفادة منه، ما لم يكن ذلك مخالفاً لما يقتضيه العقد فحق المشترط في نقض المشارطة مقيد بأن لا يكون مخالفاً لما يقتضيه العقد.
ويجوز للمشترط إحلال منتفع آخر محل المنتفع الأول أو أن يســتأثر لنفسه بالانتفاع من المشارطة، بدلاً من تعيين منتفع جديد، وعندها ينقلب الاشتراط لمصلحة الغير إلى عقد عادي لا يسري أثره على الغير.
0 Comment:
إرسال تعليق