
بطلان العقد
البطلان هو الجزاء القانوني المترتب عن تخلف ركن من أركان العقد، أو تخلف شرط من شروط صحته.
أركان العقد
شروط الأركان
ركن التراضي
(المواد من 59 إلى 91 ق.م.)
موجوداً + صحيحاً
ركن المحل
(المواد من 92 إلى 95 ق.م.)
موجوداً + معيناً + مشروعاً
ركن السبب
(المادتين 97 – 98 ق.م.)
موجوداً + مشروعاً
ركن الشكل
إفراغ التراضي في شكل معين
ركن التسليم العيني
تسليم محل العقد وقت الإبرام
المبحث الأول: أنواع البطلان
ينقسم البطلان إلى نوعين: بطلان مطلق وبطلان نسبي، وبالرجوع لأحكام القانون المدني يلاحظ أن المشرع الجزائري يعبر عن البطلان المطلق والنسبي على النحو التالي:
العقد الباطل = العقد الباطل بطلاناً مطلقاً.
العقد القابل للإبطال = العقد الباطل بطلاناً نسبياً.
المطلب الأول: البطلان المطلق
البطلان المطلق هو الجزاء المترتب عن تخلف ركن من أركان العقد (شرط من شروط انعقاد العقد) المتمثلة في التراضي والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية أو التسليم في العقود العينية، لذا فالعقد الباطل بطلان مطلق هو عقد معدوم لا وجود له قانونا ولا يرتب أي اثر قانوني.
الفرع الأول: حالات البطلان المطلق
تتمثل حالات البطلان المطلق في:
1. عدم استكمال العقد لشروط انعقاده (التراضي والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية أو التسليم في العقود العينية)
2. وجود نص قانوني يقضي ببطلان العقد.
الفرع الثاني: أحكام البطلان المطلق
أولا: صاحب الحق في التمسك بالبطلان المطلق
طبقا لنص المادة 102 ق.م. التمسك بالبطلان المطلق يكون:
§ لكل ذي مصلحة: المتعاقدين- الخلف العام للمتعاقدين - الخلف الخاص للمتعاقدين - دائنو المتعاقدين - الغير الأجنبي عن العقد.
§ للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأنه يتعلق بالنظام العام.
ثانيا: الإجازة في البطلان المطلق
طبقا للمادة 102 ق.م. التي نصت على أن البطلان المطلق لا يزول بالإجازة، فإن العقد الباطل بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه الإجازة لأنه عقد معدوم قانوناً.
ثالثا: التقادم في البطلان المطلق
دعوى البطلان المطلق تسقط بمرور 15 سنة من تاريخ إبرام العقد حسب نص المادة 2/102 ق.م.، أما الدفع بالبطلان فلا يسقط بالتقادم.
العقد الباطل بطلان مطلق لا يصححه التقادم.
المطلب الثاني: البطلان النسبي
البطلان النسبي هو الجزاء المترتب عن تخلف شرط من شروط صحة العقد، وعليه يتضح أن:
§ العقد القابل للإبطال هو العقد الذي توافرت أركان انعقاده (التراضي والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية أو التسليم في العقود العينية)، ولكن عاب ركن الرضا فيه صدوره عن شخص ناقص الأهلية، أو شاب رضاه عيب من عيوب الإرادة.
§ العقد القابل للإبطال هو عقد صحيح ويرتب كافة آثاره، ما لم يتقرر إبطاله.
§ العقد القابل للإبطال لا يتعلق بالنظام العام، فقد قرره القانون حماية لمصلحة خاصة وهي مصلحة المتعاقد ناقص الأهلية أو الذي شاب رضاه عيب من عيوب الإرادة.
الفرع الأول: حالات البطلان النسبي
تتمثل حالات البطلان النسبي في:
1- عدم صحة ركن التراضي إما بسبب:
§ صدور الرضا عن متعاقد ناقص الأهلية (قاصر مميز – السفيه – ذي الغفلة)
§ رضا أحد المتعاقدين مشوب بعيب من عيوب الإرادة.
2- وجود نص قانوني يقرر إبطال العقد ( مثال المادة 80 ق.م.)
الفرع الثاني: أحكام البطلان النسبي
أولا: صاحب الحق في التمسك بالبطلان النسبي
حق التمسك بإبطال العقد والمطالبة به يقتصر فقط على المتعاقد الذي تقرر الإبطال لمصلحته أي المتعاقد ناقص الأهلية أو الذي شاب رضاه عيب من عيوب الإرادة.
ثانيا: الإجازة في البطلان النسبي
لتحديد المقصود بالإجازة كوسيلة لضمان استقرار العقود من خطر الإبطال الذي يهددها بالزوال، لابد من تعريفها ثم بيان شروطها وشكلها وكذا الآثار المترتبة عنها.
1- تعريف الإجازة:
تعتبر الإجازة حسب نص المادة 99 ق.م. تصرف قانوني صادر بإرادة منفردة من المتعاقد الذي تقرر الإبطال لمصلحته، يعلن فيها رغبته في التنازل عن حقه في إبطال العقد.
2- شروط الإجازة:
يشترط في الإجازة كتصرف قانوني بإرادة منفردة، توافر الشروط التالية:
- أن تصدر الإجازة عن المتعاقد المجيز الذي له الحق في إبطال العقد (المتعاقد ناقص الأهلية أو الذي شاب رضاه عيب من عيوب الإرادة) مما يعني أن الإجازة ترد فقط على العقد القابل للإبطال.
- أن تتوافر الإجازة على الشروط اللازمة لصحتها كتصرف قانوني وهي الأهلية وسلامة الإرادة من العيوب.
- أن يعلم المتعاقد المجيز بالسبب الذي جعل العقد قابلاً للإبطال، ومع ذلك تتجه إرادته إلى إجازته والتنازل عن حقه في الإبطال.
- زوال السبب الذي جعل العقد قابلاً للإبطال وإلا كانت الإجازة نفسها قابلة للإبطال.
3- شكل الإجازة:
لم يشترط المشرع الجزائري شكلاً معيناً للتعبير عن الإجازة، لذا فقد تكون صريحة يتم التعبير عنها مباشرة عن طريق اللفظ أو الكتابة...، وقد تكون ضمنية تستخلص من وقائع تدل على صدورها بصورة غير مباشرة.
4- آثار الإجازة:
يترتب على صدور الإجازة عن المتعاقد الذي له الحق فيها، الآثار التالية:
- تصحيح العقد القابل للإبطال، حيث يصبح العقد صحيحاً بأثر رجعي أي من وقت إبرامه لا من وقت إجازته، دون الإخلال بحقوق الغير، وهذا طبقا لنص المادة 100 ق.م.
- زوال حق المتعاقد (الذي تقرر الإبطال لمصلحته) في إبطال العقد الذي أجازه، إذ لا يجوز له طلب إبطاله لا عن طريق دعوى الإبطال أو الدفع به.
وبذلك يزول عن العقد خطر الإبطال الذي كان يهدده ويستقر بصفة نهائية.
ثالثا: التقادم في البطلان النسبي
نصت المادة 101 ق.م. على التقادم القصير الذي يسقط حق التمسك بإبطال العقد في حال عدم التمسك به خلال 05 سنوات من تاريخ زوال سببه، و يبدأ سريان هذه المدة كما يلي:
§ حالة نقص الأهلية: من يوم بلوغ سن الرشد (19 سنة كاملة)
§ حالة الغلط والتدليس: من يوم اكتشافه.
§ حالة الإكراه: من يوم انقطاعه.
§ حالة الاستغلال: سنة واحدة من يوم إبرام العقد. (المادة 90 ق.م.)
أما بالنسبة للتقادم الطويل: ففي جميع الأحوال يسقط حق التمسك بإبطال العقد بمرور 10 سنة من تاريخ إبرامه.
العقد القابل للإبطال يصححه التقادم و يستقر بصفة نهائية، بمعنى إذا لم يستعمل المتعاقد حق التمسك بالإبطال خلال المدة المحددة قانونا، سقط حقه في رفع دعوى الإبطال أو الدفع به، ويصبح العقد صحيح بصفة نهائية.
المبحث الثاني: آثار البطلان
العقد الباطل بطلاناً مطلقاً عقد معدوم لا يرتب أي آثار قانونية، لذلك لا يحتاج إلى صدور حكم قضائي يقضي ببطلانه، لكن الضرورة العملية تقتضي الحصول على حكم قضائي يقرر بطلان العقد، و بذلك فالحكم ببطلان العقد لا ينشأ البطلان و إنما يكشف عنه.
أما العقد القابل للإبطال فيتقرر بمقتضى حكم قضائي، وهذا الحكم ببطلان العقد هو الذي ينشئ البطلان.

المطلب الأول: آثار البطلان بين المتعاقدين
إذا تقرر بطلان العقد سواء كان بطلاناً مطلقاً أو نسبياً، ترتبت آثاراً أصلية وأخرى عرضية:
الفرع الأول: الآثار الأصلية للبطلان
يترتب عن بطلان العقد باعتباره تصرفاً قانونياً آثاراً أصلية، ولتحديدها نميز بين حالتين:
أولا: آثار البطلان في حالة عدم تنفيذ الالتزامات
إذا كان العقد لم ينفذ بعد، فإن البطلان لا يرتب عليه أية آثار، ولا يجوز المطالبة بتنفيذه باعتباره عقدا منعدما، و لا حاجة لحكم قضائي يقرر ذلك، وإذا تمسك أحد المتعاقدين بالعقد الباطل مطالباً بتنفيذه، فيدفع المتعاقد الآخر هذه المطالبة ببطلان العقد.
ثانيا: آثار البطلان في حالة التنفيذ الكلي أو الجزئي للالتزامات
كأصل عام إذا كـان العقـد قد نفـذ كليا أو جزئيا، فيترتب على البطلان حسب المادة 1/103 ق.م. زوال العقد بأثر رجعي، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فيرد كل منهما ما حصل عليه من الآخر.
استثناءًا:
· في حالة استحالة رد الشيء محل العقد يحكم القاضي بتعويض معادل. (1/103 ق.م.)
· في حالة كان أحد المتعاقدين ناقص الأهلية: يرد فقط ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد. (2/103 ق.م.)
· في حالة تسبب أحد المتعاقدين في عدم مشروعية العقد أو كان عالما بها، يحرم هذا المتعاقد من استرداد ما قدمه للمتعاقد الآخر بموجب العقد. (3/103 ق.م.)
الفرع الثاني: الآثار العرضية للبطلان
إلى جانب الآثار الأصلية للبطلان، قد يترتب عن العقد الباطل بطلاناً مطلقاً أو نسبياً، آثار عرضية وذلك بوصفه واقعة مادية لا بوصفه عقداً (تصرفاً قانونياً) لأن العقد الباطل قد أصبح معدوماً قانوناً بعد أن تقرر بطلانه بأثر رجعي، وتبرز هذه الآثار من خلال نظريتين وهما:
أولا: نظرية إنقاص العقد (البطـلان الجزئـي)
إذا كان العقد باطل أو قابل للإبطال في شق منه، وصحيحاً في شق آخر، فإن الشق الباطل هو فقط الذي يبطل، ويبقى الشق الصحيح قائماً ومنتجاً لآثاره، لكن إذا تبين أن العقد لم يكن ليبرم دون شقه الباطل، فإن هذا العقد يبطل بأكمله.
ويشترط لتطبيق هذه النظرية وفقا للمادة 104 ق.م. الشروط الآتية:
1- أن يكون العقد في شق منه باطلاً وفي شقه الآخر صحيحاً أي باطل باطلاً جزئياً، سواء تقرر هذا البطلان لجزء من محل العقد أو شرط من شروطه أو في مواجهة أحد أطرافه.
2- ألا يكون الشق الباطل دافعاً للتعاقد بالنسبة لأحد المتعاقدين.
3- أن يكون العقد قابلاً للتجزئة، وإلا يبطل العقد كله.
ثانيا: نظرية تحول العقد
إذا كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال وتوافرت فيه أركان عقد آخر، فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت أركانه إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد.
وعليه، يقصد بنظرية تحول العقد استبدال عقد باطل بعقد جديد صحيح، حيث تقوم هذه النظرية على أساس الإرادة المفترضة أو الاحتمالية، لا الحقيقية للمتعاقدين، والتي تحل محلها إرادة القاضي.
يشترط حسب المادة 105 ق.م. لتحول العقد الشروط التالية:
1- أن يكون العقد الأصلي باطلاً أو قابلاً للإبطال.
2- أن يشتمل العقد الأصلي الباطل أو القابل للإبطال على كافة عناصر العقد الجديد.
3- اتجاه إرادة للمتعاقدين إلى إبرام العقد الجديد لو أنهما علما بطلان عقدهما الأصلي وقت التعاقد.
المطلب الثاني: آثار البطلان بالنسبة للغير
كقاعدة عامة، يسري بطلان العقد بأثر رجعي على المتعاقدين وخلفهما العام وكذلك على الغير، استثناء هناك حالات لا تسري فيها الآثار الأصلية للبطلان بأثر رجعي في مواجهة الغير، وذلك حماية للغير حسن النية ولاستقرار المعاملات، ومن هذه الحالات:
أولا: حماية حائز المنقول بحسن نية
طبقا لقاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية"، إذا حاز المتعاقد على منقول بحسن نية أي وهو يجهل ببطلان التصرف السابق المتعلق بالمنقول، فتبقى له ملكية ذلك المنقول، ولا يؤثر البطلان على صحة ملكيته.(المادة 835 ق.م.)
ثانيا: حماية الغير الذي اكتسب ملكية العقار بعد إتمام إجراءات الشهر العقاري
بطلان سند التصرف المتعلق بالعقار لا يحتج به في مواجهة الغير، الذي اكتسب ملكية ذلك العقار بعد إتمامه لإجراءات الشهر العقاري بحسن نية.
ثالثا: بقاء الرهن الرسمي الصادر من المالك الذي زالت ملكيته بسبب الحكم بالبطلان
يبقى الرهن صحيحاً ونافذاً رغم زوال ملكية الراهن بالبطلان أو غيره من أسباب الزوال. (المادة 885 ق.م.)
رابعا: بقاء عقد الإيجار مرتبا لآثاره في حق من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة
في حالة بطلان العقد الذي نقل ملكيتها للمؤجر حيث تنتقل ملكية العين المؤجرة أي العقار وهي مثقلة بعقد الإيجار إلى انقضاء مدته. (المادة 469 مكرر3 ق.م.)
المصدر محاضرات الاستاذة د.سويلم
جامعة سعيدة
السنة الثانية حقوق
0 Comment:
إرسال تعليق