تحميل الاطروحةpdf
التقسيم
فرض التطور الذي عرفه المجتمع الاعتراف بالحق في التعويض لكل شخص أصيب بضرر يتميز بقدر معيّن من الجسامة، نتيجة تدخل علاجي، حتى دون تمكّنه من إثبات مسؤولية الجهة المعالجة له. وقد اصطلح على هذه الحالة بالخطأ الطبي.
ويعود هذا الاعتراف إلى أسباب متعددة، منها ما يتعلق بطبيعة العلاقة التي تربط الطبيب بالمريض، ومنها ما يتعلق بطبيعة العمل الطبي في حد ذاته، ومنها ما يرتبط بتطور علم الطب والتطور التكنولوجي الذي عرفته الآلات والمعدات والأدوية المستعملة أثناء العلاج. كما يرتبط الأمر أيضًا بتنامي الوعي الحقوقي لدى أفراد المجتمع، حيث أصبح الأشخاص يطالبون أكثر فأكثر بحقوقهم، إضافة إلى تطور إنسانية الدول ومعاملتها لمواطنيها، من خلال إدراج الخطأ الطبي ضمن ما يعرف بالأخطار الاجتماعية. ويضاف إلى ذلك التطور المتسارع الذي عرفه الاجتهاد القضائي في هذا المجال، والذي أدى إلى بروز أزمة في المسؤولية الطبية، تتعلق بالمعادلة التي تربط بين العمل الطبي من جهة، والضحايا والمتضررين من جهة أخرى.
كل ذلك فرض حتمية اعتماد نظام جديد، خارج عن نظام المسؤولية التقليدي، يكفل التعويض لهؤلاء الأشخاص دون المساس بحقوق الأطباء.
وبذلك يكون الجزء الأول من هذه الأطروحة، المتمثل في الباب الأول، منصبًّا على بيان الأساس الذي يمكن اعتماده لتقرير الحق في التعويض لضحايا الحوادث الطبية، مجيبًا عن التساؤل الجوهري: لمن يُمنح التعويض عن الحوادث الطبية؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، ينبغي أولًا توضيح مفهوم الخطأ الطبي بمختلف جوانبه، منذ بداية العلاقة العلاجية إلى نهايتها (الفصل الأول)، ثم بيان الأسباب التي أدت إلى ظهور فكرة التعويض عن الخطأ الطبي والمراحل التي مرّت بها (الفصل الثاني).

0 Comment:
إرسال تعليق